300.قمر سيدنا النبي قمر +إعصار ميلتون

...

الأربعاء، 9 أكتوبر 2024

الاستغفار وجوبه وفضل آثاره العظيمة

 

قال تعالى: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا} [نوح (10)].

وهذه الآية أيضا تدل على وجوب الاستغفار من جميع الذنوب.

فضل الاستغفار نوح 10 /11 /12

فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)

فضل الاستغفار صحيح الترغيب للالبانى

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال إبليس وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني

فضل الاستغفار صحيح الترغيب للالبانى

عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة

فضل الاستغفار أخرجه البخاري

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وَالله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إلَيهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً».

فضل الاستغفار أخرجه مسلم

وعن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّهُ لَيُـغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله فِي اليَومِ مِائَةَ مَرَّةٍ».

فضل الاستغفار صحيح الجامع

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتبت واحدة   "  ‌

فضل الاستغفار صحيح الجامع

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من استغفر للمؤمنين و للمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن و مؤمنة حسنة "

فضل الاستغفار صحيح الترغيب للالبانى

عن عبد بن بسر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا

فائدة من كتاب لا تحزن

أكثر من الاستغفار ﴿ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا{10} يرسل السماء عليكم مدرارا{11} ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا﴾. فأكثر من الاستغفار، لترى الفرح وراحة البال، والرزق الحلال، والذرية الصالحة، والغيث الغزير. ﴿ وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله ﴾. وفي الحديث: (من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا).

فوائد من كتاب التوبة من المعاصى والذنوب لمصطفى شيخ إبراهيم حقى 2

قال الفضيل –رحمه الله: " الاستغفار بلا إقلاع توبة الكذَّابين ".

4. فوائد من كتاب حتى تكون أسعد الناس

حتى تكون أسعد الناس: داوم على الاستغفار فإن لله نفحات في الليل والنهار، فعسى أن تصيبك منها نفحة تسعد بها إلى يوم الدين.

3. فوائد من كتاب حتى تكون أسعد الناس

حتى تكون أسعد الناس: الاستغفار يفتح الأقفال، ويشرح البال، ويذهب الأدغال، وهو عربون الرزق ودر وازة التوفيق.

فوائد من اسباب المغفرة

قال الحسن: أكثروا من الاستغفار فى بيوتكم، وعلى موائدكم، وفى طرقكم، وفى أسواقكم، وفى مجالسكم، وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.

فوائد من كتاب الزهد الجزء الثانى

عن الربيع بن خثيم، أنه قال لأصحابه: تدرون ما الداء والدواء والشفاء؟ قالوا: لا، قال: الداء الذنوب، والدواء الاستغفار، والشفاء أن تتوب ثم لا تعود.

 

=========.

" حقيقة الاستغفار وأسبابه "

الإنسان ليس معصوماً من الخطأ واقتراف الذنب بحكم طبيعته البشرية، وأيضاً فإن أعداءه كثر: منهم النفس التي تسكن بين جنباته وتزين له وتأمره بالسوء " إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي " ومنهم الشيطان العدو اللدود الذي يتربص بالإنسان ليورده موارد التهلكة، ومنهم الهوى الذي يصد عن سبيل الله، ومنهم الدنيا بغرورها وزخرفها، والمعصوم من عصمه الله، ناهيك عن الغفلة والفتور عن الطاعة،والتقصير في جنب الله ؛لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة- رضي الله عنه- " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم " (راوه مسلم).

وقال في موضع آخر: " كلّ بني آدم خطّاء وخير الخطّائين التوّابون " (صحيح الجامع) ولكن هناك مسألة لابد من الانتباه إليها وهي أن كثيراً من الناس يعتقد أن الاستغفار يكون باللسان، يقول أحدهم: " استغفر الله ".. ثم لا يوجد لهذه الكلمات أثر في القلب كما لا يُشاهد لها تأثير على الجوارح ومثل هذا الاستغفار في الحقيقة فعل الكذّابين.

قال الفضيل بن عياض- رحمة الله- " استغفار بلا إقلاع عن الذنب توبة الكذابين " وكان أحد الصالحين يقول: استغفارنا يحتاج إلى استغفار أي أن من استغفر الله ولم يترك المعصية؛ فاستغفاره يحتاج إلى استغفار؛ فلننظر في حقيقة استغفارنا لئلا نكون من الكاذبين الذين يستغفرون بألسنتهم، وهو مقيمون على معاصيهم.

 

========.

" الاستغفار خصوصية للمؤمنين "

حين كان إبراهيم - عليه السلام - يحاجّ أباه ويدعوه إلى التوحيد، كان والده يقابله بِأسوأ المقابلة، تأمل هذه المقولة منه: " لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا " (سورة مريم، الآية: 46 )، ولاحظ أن هذه المقولة جاءت بعد مجموعة من العبارات المتلطفة من قبل إبراهيم- عليه السلام، وكان إبراهيم –عليه السلام- حين واجهه أبوه بهذه المقولة " لَأَرْجُمَنَّكَ " لم يقابله بالإساءة أو نحوها؛ بل أول ما خطر في ذهنه أن يستغفر له: " قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا " (سورة مريم، الآية: 47 ).

إذن فالاستغفار هو أول شيء فكر به إبراهيم - عليه السلام - وكان هذا الاستغفار طمعاً في هدايته، ولذلك قال تعالى: " وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ " (سورة التوبة، الآية: 14 ).

ومحصل ذلك عدم الاستغفار للمشركين، وأنه خصوصية للمؤمنين، ويؤكد ذلك قوله تعالى: " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ " (سورة التوبة، الآية: 113 ) فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " استأذنت ربي أن استغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزورها فأذن لي " (صحيح مسلم).

وفي البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبيه أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال: " أي عم قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله "، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب ترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى كان آخر شيء كلمهم به: " أنا على ملة عبد المطلب "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لاستغفرن لك ما لم أنه عنك " فنزلت " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ " (سورة التوبة، الآية: 113 ) ونزلت: " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " (سورة القصص، الآية: 56 ) (صحيح البخاري ).

وعند الحديث عن المنافقين، نقرأ هذه الآية: " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " (سورة التوبة، الآية: 80 ).

ونقرأ عندها أيضا حديث ابن عمر-رضي الله عنه- في البخاري- حيث يقول: إن عبد الله بن أُبّي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه، فقال: " آذني لأصلي عليه "، فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر –رضي الله عنه- فقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين، فقال: أنا بين خيرتين، قال: " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " فصلى عليه، فنزلت " وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ " (سورة التوبة، الآية: 84 ) وتأسيساً على ذلك يقال: إن الاستغفار ميزة جعلها الله للمؤمنين خصهم بها دون غيرهم من الناس، واختارهم لها، واختارها لهم، وإذا كان الأمر كذلك، أفلا يجدر بنا أن نحافظ على هذه النعمة، وأن نستثمرها فيما يفيد ديننا ودنيانا، وفي مقابل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر لإخوانه المؤمنين، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه، فقال: " استغفروا لأخيكم " (البخاري).

واستغفر للمحلقين ثلاثا،ً وللمقصرين مرة، والنصوص في ذلك كثيرة.

حتى الصغار!! نعم الصغار كان يستغفر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي حديث أبي إياس في المسند، قال: جاء أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام صغير، فمسح رأسه واستغفر له(سنن الإمام أحمد).

=========================.

" أقوال السلف في الاستغفار "

قال أبو موسى - رضي الله عنه -: كان لنا أمانان من العذاب ذهب أحدهما - وهو كون الرسول صلى الله عليه وسلم فينا، وبقي الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا(التوبة إلى الله للغزالي).

وقال الربيع بن خثيم: " تضرعوا إلى ربكم وادعوه في الرخاء؛ فإن الله قال: من دعاني في الرخاء أجبته في الشدة، ومن سألني أعطيته، ومن تواضع لي رفعته، ومن تفرغ لي رحمته، ومن استغفرني غفرت له " (منهاج الصالحين ).

وسئل سهل عن الاستغفار الذي يكفر الذنوب فقال: " أول الاستغفار الاستجابة، ثم الإنابة، ثم التوبة؛ فالاستجابة أعمال الجوارح، والإنابة أعمال القلوب، والتوبة إقباله على مولاه بأن يترك الخلق، ثم يستغفر الله من تقصيره الذي فيه " (التوبة إلى الله للغزالي).

قال ابن الجوزي: " إن إبليس قال: أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار وبـ " لا إله إلا الله " فلما رأيت منهم ذلك ثبتّ فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يستغفرون لأنه يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " (مفتاح دار السعادة لابن القيم).

قال قتادة - رحمة الله -: " إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم أما داوئكم فالذنوب وأما دواؤكم فالاستغفار ".

وقال علي –كرم الله وجه-: " العجب ممن يهلك ومعه النجاة قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار ".

وكان - رضي الله عنه - يقول: " ما ألهم الله - سبحانه وتعالى- عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه ".

وقال أحد الصالحين: " العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الحمد والاستغفار ".

ويروي عن لقمان - عليه السلام - أنه قال لابنه: " يا بني إن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً فأكثر من الاستغفار ".

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً ".

قال أبو المنهال: " ما جاور عبد في قبره من جارٍ أحب من الاستغفار ".

وكان الحسن البصري يقول: " أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم،وفي أسواقكم، وفي مجالسكم ؛فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة " ؟.

وكان أعرابي يقول: " من أراد أن يجاورنا في أرضنا؛ فليكثر من الاستغفار، فإن الاستغفار القطّار " والقطار السحاب العظيم القطر.

وقال بكر بن عبد الله المزني: " أ نتم تكثرون من الذنوب؛ فاستكثروا من الاستغفار، فإن الرجل إذا وجد في صحفيته بين كل سطرين استغفاراً سره مكان ذلك ".

قال ابن تيمية –رحمة الله-: " إنه ليقف خاطري في المسألة التي تشكل عليَّ ؛ فاستغفر الله ألف مرة حتى ينشرح الصدر، وينحل إشكال ما أشكل، وقد أكون في السوق، أو المسجد، أو المدرسة ؛ لا يمنعني ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي "

 

=============================.

.

حول الموقع

اتصل بنا

موضوعات مفضلة

الرئيسية

بحوث ومقالات | المقالات

فـوائـد مـتـنــوعـة

التداوى بالاستغفار لحسن بن أحمد بن حسن همام

" ألفاظ وصيغ الاستغفار "

" ألفاظ وصيغ الاستغفار "

هناك ألفاظ للاستغفار جاءت في أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي للمسلم أن يقولها، ويستكثر منها اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الصيغ: " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " (رواه البخاري).

ومنه ا: " استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه " (رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ).

ومنها: " استغفر الله وأتوب إليه " (متفق عليه)، ومنها سيد الاستغفار: " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبؤ لك بنعمتك عليَّ، وأبؤ بذنبي؛ فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت " (رواه البخاري)

هذه هي الصيغ والألفاظ الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، وهناك صيغ أخرى، وألفاظ أخرى تؤدي نفس المعنى لا بأس بها، ولكن الأولى اتباع المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.

=======================.

وقفة مع سيد الاستغفار "

عن شدّاد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلى أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت،أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت،من قالها في أول النهار موقناً بها فمات من يومه قبل يمسي فهو من أهل الجنة،ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح ؛فهو من أهل الجنة " (رواه البخاري).

سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء بسيد الاستغفار، وكما سبق فإن للاستغفار صيغاً أخرى لكنّ النبي صلى الله عليه وسلم خصّه بهذه المنقبة " سيد الاستغفار " وبالتأمل في ألفاظ هذا الاستغفار ما يحويه من معانِِ نجد أنه اشتمل على ما يلي:

- اللهم أنت ربي: إقرار الله عز وجل بتوحيد الربوبية.

- لا إله إلا أنت: إقرار بتوحيد الألوهية.

- خلقتني وأنا عبدك: إقرار من العبد بالعبودية والتذلل والخضوع لله عز وجل.

- أنا على عهدك ووعدك ما استطعت: إقرار من العبد بالتزام الطريق المستقيم، ومنهج رب العالمين قدر استطاعته، واستفراغ الجهد في ذلك.

- أعوذ بك من شر ما صنعت: لجؤ العبد وتحصنه بالله من جميع الشرور، والآثام،والمعاصي التي ارتكبها.

- وأبوء لك بنعمتك عليَّ: إقرار العبد واعترافه بنعم الله عليه، وتفضله وتكرمه على عبده بشتّى أنواع النعم التي لا تعد ولا تحصى.

- وأبوء بذنبي: اعتراف وإقرار العبد بالذنب سواءً كان هذا الذنب ذنباً معيناً أو الذنوب بصفة عامة.

- فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت: طلب المغفرة من الله عز وجل والتذلل بين يديه.

فبالنظر إلى ما اشتمله هذا الاستغفار من المعاني العظيمة سماه النبي صلى الله عليه وسلم " سيد الاستغفار ".

========================.

أحوال وأوقات يستحب فيها الاستغفار "

الاستغفار مشروع في كل وقت وهناك أوقات وأحوال مخصوصة يكون للاستغفار فيها مزيد فضل ومن هذه الأوقات: بعد الفراغ من أداء العبادات:

ويستحب الاستغفار لما يقع فيها من خلل أو تقصير في أداء العبادة قال الله عز وجل: " ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (سورة البقرة، الآية: 199).

وهذه الآية الكريمة جاءت في الحديث القرآني عن الحج خاصة بعد طواف الإفاضة؛ فهنا يأتي الاستغفار لما يكن قد حدث من خلل،أو تقصير في أداء العبادة.

كما شرع الاستغفار بعد الفراغ من الصلوات الخمس فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثاً؛ لأن العبد عرضة لأن يقع منه نقص في صلاته بسبب غفلة أو سهو.

الاستغفار بالأسحار:

قد أثنى الله عز وجل على عباده الذين يستغفرونه في هذا الوقت المبارك بقوله عز وجل: " الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار " (سورة آل عمران، الآية: 17 ).

وقال عز وجل: " كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " (سورة الذاريات: 17،18 ).

وقد جاء في تفسير قوله عز وجل حكاية عن يعقوب –عليه السلام-: " قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (سورة يوسف، الآية: 98 ) أنه آخَّر الاستغفار إلى وقت السحر(انظر تفسير ابن كثير، تفسير الآية: 97 سورة يوسف )، والسبب فضيلة هذا الوقت أن الله عز وجل يستجيب فيه الدعاء،ويعطي فيه السائل ويغفر للمستغفر.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟ يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ "

(رواه البخاري و مسلم ).

وعن خالد بن معدان: " يقول الله عز وجل إن أحب عبادي إلي المتحابون بحبي المتعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرين بالأسحار " (إحياء علوم الدين الغزالي).

في ختم المجالس:

وذلك عندما يقوم الإنسان من مجلسه خاصة إذا كان مع إخوانه،أو في اجتماعه أو في عمله، لحديث عائشة –رضي الله عنها- قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس إلا قال: " سبحانك اللهم ربي وبحمدك، لا إله إلا أنت أستغفرك ربي وأتوب إليك "، فقلت: يا رسول الله ما أكثر ما تقول هؤلاء الكلمات إذا قمت قال: " لا يقولهن من أحد يقوم من مجلسه!إلا غفر له ما كان منه في ذلك المجلس " (رواه الحاكم وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ).

فهذه فرصة عظيمة ينبغي ألا يغفل عنها المسلم خاصة في مجالسنا التي يكثر فيها الكلام، ويقع من الإنسان فيها ما الله به عليم.

الاستغفار للأموات:

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت، وقف عليه فقال: " استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل " (رواه أبو داود).

فما أحوج الميت في هذا الموقف العصيب إلى الاستغفار، وطلب المغفرة من الله عز وجل له؛ ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر للأموات إذا زارهم ووقف على قبورهم.

==============================.

استغفار الملائكة "

الملائكة خلق من خلق الله خلقهم الله عز وجل من نور كما جاء في الحديث: " خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ".

والملائكة كما وصفهم الله عز وجل " لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " (سورة التحريم، الآية:6 ) وكذلك " يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ "، وهذا الخلق الكريم جاء عنه في القرآن أنه يستغفر لكن يستغفر لمن؟ إنهم يستغفرون لأهل الأرض وخاصة المؤمنين منهم، واستغفار الملائكة هو طلب المغفرة من الله عز وجل لعباده بأن يغفر خطاياهم،ويتجاوز عن سيئاتهم قال الله عز وجل في كتابه العزيز: " تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (سورة الشورى، الآية:5 ) وقال عز وجل: " الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ " (سورة غافر، الآية:7 ).

أيضاَ من المواضع التي تستغفر الملائكة فيها للعبد عندما يكون العبد في مصلاه " المسجد " ينتظر الصلاة ؛فإن هذه الفترة " فترة الانتظار " من الأوقات الشريفة التي يكتب له فيها الثواب، ويحظى بالقرب من الله عز وجل، واستغفار الملائكة والدعاء له، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه، تقول الله صل عليه اللهم أرحمه اللهم اغفر له ما لم يحدث أو يخرج من المسجد "

======================.

استغفار الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم "

الأنبياء والمرسلون هم صفوة الله عز وجل من خلقه، وهم معصومون بعصمة الله عز وجل لهم، وعلى الرغم من مكانتهم ومنزلتهم وقدرهم عند ربهم، وعلى الرغم من أنهم معصومون ؛ إلا أنهم تضرعوا إلى ربهم بالدعاء والاستغفار طمعاً في مغفرة ربهم.

قال الله عز وجل حكاية عن الأبوين عليهما السلام: " قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (سورة الأعراف، الآية: 23 ).

وقال الله عز وجل حكاية عن نوح - عليه السلام: " قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (سورة هود، الآية: 47 ).

وقال أيضا: " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا " (سورة نوح، الآية: 28 ).

وقال الله عز وجل حكاية عن نبيه إبراهيم - عليه السلام -: " وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ " (سورة الشعراء، الآية: 82 ).

وقال الله عز وجل حكاية عن نبيه داود - عليه السلام -: " فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ " (سورة ص، الآية: 24 ).

وقال الله عز وجل حكاية عن نبيه سليمان –عليه السلام-: " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ " (سورة ص، الآية: 35 ).

وقال عز وجل حكاية عن نبيه موسى - عليه السلام -: " قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (سورة القصص، الآية: 16 ).

فإذا كان هذا حال الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - فكيف بنا؟ وأين نحن من الاستغفار؟.

 

============================.

استغفار النبي صلى الله عليه وسلم "

من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو خير البشر وأفضل الرسل، اصطفاه الله واجتباه، ورفع ذكره وأعلى قدره، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع كل هذا الشرف العظيم والعطاء الجزيل إلا أنه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر ربه، ويتوب إليه، ويتضرع بين يديه امتثالاً لأمر الله عز وجل في قوله: " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " (سورة النصر، الآية: 3 ).

وقوله تعالى: " وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ " (سورة محمد، الآية: 19 ).

عن الأغرّ المزني - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنه ليُغانعلى قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة " (رواه مسلم).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والله إني لأستغفر الله، وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " (رواه البخاري).

وعن الأغر بن يسار المزني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " توبوا إلى الله واستغفره فإني أتوب في اليوم مائة مرة " (رواه مسلم).

وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " (رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح).

وعن ثوبان - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً(رواه مسلم).

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي،وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت،وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير " (متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري واللفظ لمسلم).

 

==========================.

ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار استجابةً لأمر الله) "

أمر الله عز وجل عباده بالاستغفار، وحثهم عليه ووعد على ذلك المغفرة والثواب العظيم والعطاء الجزيل، ومن أصدق من الله قيلاً؟ ومن الآيات والآثار الدالة على ذلك أمره عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق بالاستغفار قال الله عز وجل: " إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار " (سورة غافر، الآية: 55 ).

وقوله تعالى: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ " (سورة محمد، الآية: 19 ).

وقوله عز وجل: " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " (سورة النصر، الآية: 3 )َ.

وقوله عز وجل: " وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة النساء، الآية: 106 ).

وأمر الله عزّ وجلّ عباده بالاستغفار والتوبة والإنابة فقال عزّ وجلّ: " وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (سورة المزمل، الآية: 20 ).

وقال عزّ وجلّ: " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " (سورة آل عمران، الآية: 133 ).

وأمر الله عزّ وجلّ أهل الكفر، والضلال بالاستغفار، والتوبة فقال عز وجل: " أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (سورة المائدة، الآية: 74 ).

وقال عزّ وجلّ مخاطباً حجّاج البيت الحرام: " ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (سورة البقرة، الآية: 199 ).

وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حيث يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له " (رواه البخاري ومسلم).

وقوله عز وجل في الحديث القدسي: " يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي " (رواه الترمذي من حيث أنس وقال حديث حسن صحيح).

فما أعظمك وما أحلمك وما أكرمك يا رب العالمين !.

 

=========================.

ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار من أسباب الرزق) "

الاستغفار من أهم وأعظم أسباب الرزق - بفضل الله عزّ وجلّ- قال الله عزّ وجلّ حكاية عن نوح - عليه السلام-: " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " (سورة نوح، الآيات: 10-12 ).

وقال حكاية من نبيه هود - عليه السلام-: " وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ " (سورة هود، الآية: 52 ).

ففي هذه الآيات رتب الله عز وجل على الاستغفار ما يلي:

1) إنزال المطر يتبع بعضه بعضاً قال ابن عباس " مدراراً " يتبع بعضه بعضاً.

2) البساتين والجنّات النضرة.

3) الأنهار العذبة التي تجري.

يقول القرطبي - رحمه الله تعالى -: " في الآيات دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزق والأمطار، ويقول الحافظ ابن كثير –رحمه الله- في تفسيره: " أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه، وأطعتموه كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأخرج لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها ".

وقد تمسك أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه- بما جاء في هذه الآيات عند طلبه المطر من الرب عز وجل فقد روي مطرف عن الشعبي أن عمر - رضي الله عنه - خرج يستسقي بالناس فلم يزد على الاستغفار حتى رجع فقيل له: " ما سمعناك استسقيت " فقال: طلبت الغيث بمجاديحالسماء التي يتنزل بها القطر ثم قرأ " وأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا " (سورة هود، الآية: 3 ).

وقال عز وجل في كتابه الكريم: " وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " (انظر المعاني: 29/27).

ففي الآية الكريمة وعد من الله بالمتاع الحسن لمن استغفر، وتاب والمراد بقوله: " يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا " كما قال ابن عباس: يتفضل عليكم بالرزق والسعة(انظر زاد المسير: 4/75 ).

وقال القرطبي - رحمه الله - " هذه ثمرة الاستغفار والتوبة أن يمتعكم بالمنافع من سعة الرزق ورغد العيش ".

وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: " من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا،ً ورزقه من حيث لا يحتسب " (رواه أحمد في المسند واللفظ له وابن ماجه والحاكم في المستدرك وصحيح إسناده وصححه الشيخ أحمد شاكر (هامش المسند:4/55).

ففي هذا الحديث يخبر الصادق المصدوق عن ثلاث ثمرات يجنيها من أكثر الاستغفار؛ إحداها الرزق من الله الرازق ذي القوة المتين من حيث لا يظن العبد، ولا يرجو ولا يخطر بباله؛ فعلى الراغبين في الرزق، وكثرته وبركته المسارعة إلى الاستغفار بالمقال والفعال، ولكن الحذر الحذر من الاقتصار على الاستغفار باللسان دون الفعال فإنه فعل الكاذبين.

 

============================.

ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار سبب لدخول الجنة) "

مصداق ذلك قوله في حديث أوس بن شدّاد: " سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعد ما استطعت، أعوذك بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها في النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي دخل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة " (رواه البخاري).

 

================================.

ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار سبب في مغفرة الذنوب ومحو الخطايا) "

قال قتادة - رحمه الله- " إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم أما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار " فهو سبب لمغفرة الذنوب ومحو الخطايا وتكفير السيئات.

قال الله عز وجل: " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (سورة آل عمران، الآية: 135 ).

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في كتاب الله عز وجل آيتان ما أذنب عبد ذنباً فقرأها واستغفر الله عز وجل إلا غفر الله تعالى له ثم ذكر الآية السابقة، ومن الآيات الدالة على فضل الله عز وجل وتكرمه بغفران الذنوب، وتكفير السيئات قوله عز وجل: " وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة النساء، الآية: 110 ).

عن علي - رضي الله عنه - قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله حديثا نفعني الله عزّ وجلّ بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدّثني أحد من أصحابه استحلفته؛ فإذا حلف صدّقته قال: وحدّثني أبو بكر وصدق أبوبكر –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله يقول: " ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله عز وجل إلا غفر له " ثم تلا قوله تعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (سورة آل عمران، الآية: 135 ) (أخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذي ).

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله يقول: " قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني، ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي " (رواه الترمذي وقال حديث حسن ).. فانظر إلى عظيم فضل الله وجوده وكرمه.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: " إذا أذنب العبد ذنباً فقال اللهم اغفر لي؛ فيقول الله عز وجل أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يأخذ بالذنب، ويغفر الذنب، عبدي اعمل ما شئت فقد غفرت لك " (متفق عليه من حديث أبي هريرة ).

وقد جاء في الأثر عن إبليس - لعنه الله - أنه قال لربّ العزّة عندما لعنه الله: " يا ربّ وعزّتك لأغوينّ بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسادهم " فقال عزّ وجلّ: " وعزتي وجلالي لأغفرنّ لهم ما داموا يستغفرونني ".

وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: كنت ذرِب اللسان على أهلي فقلت يا رسول الله فقد خشيت أن يدخلني لساني النار فقال النبي: " فأين أنت من الاستغفار؟ فإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة " (أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وذرب اللسان أي: حاد اللسان ).

وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: " من قال حين يأوي إلى فراشه استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر- أو عدد رمل عالج، أو عدد أوراق الشجر، أو عدد أيام الدنيا " (أخرجه الترمذي ورواه البخاري في التاريخ بلفظ آخر ).

وفي رواية زيد: " غفرت ذنوبه وإن كان فارّاً من الزحف " (أخرجه أبو داود من الترمذي من حديث زيد ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ).

 

===========================.

ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار يدفع العقوبة والعذاب قبل وقوعهما)

من القواعد المتعارف عليها أن الوقاية خير من العلاج، وقد قال الحسن البصري - رحمه الله-: " يا ابن آدم تركك الذنب أهون من طلبك التوبة "، ومن ثمرات الاستغفار أن الله عز وجل جعله سبباً في رفع العذاب والعقوبة قبل وقوعهما مصداقاً لقول الله عز وجل: " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " (سورة الأنفال، الآية: 33 ).

قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه- كان لنا أمانان من العذاب ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا، وبقي الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا.. فالاستغفار أمان من الله لعباده.

 

-===============================.

ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار سبب لرفع الدرجات بعد الموت) "

الاستغفار كما ينفع الإنسان في الدنيا يكون أيضاً سبباً فى رفع درجته في الجنة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: " إن الله ليرفع درجة العبد في الجنة فيقول يا رب أنى لي هذه؟ فيقول باستغفار ولدك لك " (رواه أحمد بإسناد حسن).

ففي الحديث دليل على أن الولد الصالح ينفع الله به والديه في الدنيا والآخرة مصداقاً لقول النبي: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع، أو ولد صالح يدعو له " (رواه مسلم).

=========================.

" ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار سبب تطهير القلوب) "

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: " إن المؤمن إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه؛ فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها؛ فإن زادت حتى تغلّف قلبه فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل في كتابه " كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " (سورة المطففين، الآية: 14 ).

فالاستغفار سبب في طهارة القلب ونظافته وصقله وتطهيره من الذنوب والمعاصي والسواد والران.

===============================.

" ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار سبب في إنجاب الأولاد) "

وهذه بشرى لكل إنسان يطلب الولد والذرية الصالحة ودليل ذلك قول الله عز وجل: " فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " (سورة نوح، الآيات: 10-12 ).

ففي هذه الآية الكريمة عدة ثمرات فهي:

1) مغفرة الذنوب.

2) إنزال المطر وإخراج الرزق.

3) إكثار الله تعالى الأموال والأولاد.

4) جعل البساتين والأنهار.

قال عطاء في قوله تعالى: " وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ " أي يكثر أموالكم وأولادكم.

وقال ابن كثير: " أي أعطاكم الأموال والأولاد وفي الحديث: " ويرزقه من حيث لا يحتسب " والأولاد رزق من الله عزّ وجلّ.

=-==============================.

" ثمرات وفوائد الاستغفار (الاستغفار سبب في التمتع بالصحة والقوة) "

ومن آثار الاستغفار أن يبارك الله للعبد في صحته وعافيته، ويزده قوة ونشاطاً وحيوية، وذلك مصداقاً لقوله عز وجل على لسان نبيه هود - عليه السلام -: " وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ " (سورة هود، الآية: 52 ).

فقوله عز وجل: " وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ " دليل على أن الاستغفار سبب في زيادة القوة والعافية، وقوله عز وجل في موضع آخر: " وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ " (سورة هود، الآية: 3 ).

فقوله عز وجل: " يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا " دليل على أن الاستغفار سبب في تمتع العبد ومن صور هذا التمتع الصحة والعافية والقوة.

=====================================.

" بشرى للنساء "

عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي قال: " يا معشر النساء تصدّقن وأكثرّن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار "، قالت امرأة منهن مالنا أكثر أهل النار؟ قال: " تكثرّن اللعن، وتكفرّن العشير (أى الزوج) ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذى لب منكن " قالت: ما نقصان العقل والذين؟ قال: " شهادة امرأتين بشهادة رجل وتمكث الأيام لا تصلي " (رواه مسلم).

فقوله: " وأكثرن من الاستغفار " دليل على أن الاستغفار سبب في نجاة المرأة عما يكن قد بدر منها من سوء العشرة الزوجية، أو ما ارتكبته من خلل أو خطأ في حق زوجها، وفيه دلالة أيضاً على أن الاستغفار سبب في النجاة من النار يوم القيامة.

فعليك أختي المسلمة بالاستغفار امتثالاً لأمر النبي حتى تكوني من الفائزين في الدنيا والآخرة.

=========================================.

من قصص الاستغفار (الحسن البصري والاستغفار) "

ذكر الإمام القرطبي عن ابن صبيح قال: " شكا رجل إلى الحسن الجدوبة: فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار ! فقال: ما قلت من عندي شيئاً ! إن الله عز وجل يقول في سورة نوح: " قُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " ( سورة نوح، الآيات: 10-12 ).

قال الرجل للحسن البصري: أما يستحي أحدنا من ربه؟ نفعل الذنب، ثم نستغفر، ثم نفعله مرة أخرى، ثم نستغفر وهكذا.

فقال له الحسن: ودَّ الشيطانُ لو ظفر منكم بهذا ؛ لا تتركوا الاستغفار أبداَ.

 

=================================.

" الصدقة والاستغفار علاج للعقم "

قال الله عز وجل في كتابه الكريم: " لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " (سورة الشورى، الآيات: 50،49).

هذه هي حكمة الله عز وجل في خلقه، وعلى المؤمن تلمس الأسباب، والثقة في الله عزّ وجلّ، والصدقة والاستغفار من الأسباب التي يحصل بها الشّفاء بإذن الله.

يقول الشيخ عائض القرني في بعض محاضراته: ومن اللطائف أنه كان بعض المعاصرين عقيماَ لا يولد له، وقد عجز الأطباء عن علاجه، وحارت الأدوية فيه، فسأل أحد العلماء فقال: عليكم بكثرة الاستغفار في الصباح والمساء فإن الله قال عن المستغفرين: " وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ " (سورة نوح، الآية: 12 )؛ فأكثر الرجل من الاستغفار، ودوام فرزقه الله الذرية الصالحة.

===============================.

الاستغفار وبركة الرزق "

ذهب أحد الإخوان إلى السوق لبيع سلعة كانت معه، كان السوق مزدحماً بالباعة والمشترين، جلس في المكان المعدّ للبيع وعرض سلعته للبيع، وجلس بجوارها، مر وقت طويل والناس لا يقبلون على سلعته، يأتي الناس إليه ينظرون إلى السلعة ثم ينصرفون، كان بحاجة شديدة إلى النقود، ولابد له من بيع هذه السلعة حتى تتوفر لديه، طال الوقت ولا أحد يريد الشراء، شعر بالضيق وأخذ يفكر ماذا يفعل؟ وفجأة جاء في فكره حديث سمعه من إمام المسجد يقول: قال رسول الله: " من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب "، أطلق العنان للسانه وقلبه، وأخذ يلهج بالاستغفار يقول: والله ما إن بدأت بالاستغفار حتى أقبل الناس إليَّ هذا يريد شراءها، والآخر يريدها لنفسه هذا يزيد في السعر والآخر يزيد عليه حتى طابت نفسي، وبعت سلعتي والحمد لله، وأخذت النقود ورجعت إلى بيتي وعيناي تفيض من الدمع لأنني فرطت كثيراَ في هذا الكنز الثمين " الاستغفار " فالحمد لله رب العالمين.

================.

هدأت الزوجة والسبب الاستغفار "

يروي قصته فيقول: في يوم من الأيام عدت إلى منزلي بعد يوم حافل بالتعب والإرهاق؛ فتحت الباب وإذا بالزوجة تنتظرني، وعليها علامات الغضب و الانفعال، وأخذت تبادرني بالأسئلة لم أتمالك نفسي بادرتها نفس الانفعال والغضب، كان الوقت متأخراً من الليل استمرت المناقشة والغضب إلى قبيل الفجر، وأخيراً قررت الزوجة أن تترك البيت وتذهب لبيت أبيها، حاولت أن أثنيها عن عزمها فلم أفلح، ذهبت إلى غرفتنا، وقامت بإعداد حقيبتها للخروج، تركتها، وخرجت من البيت لا أدري إلى أين أذهب؟ كنت في شدة الانفعال والغضب.

كان بجوار بيتي مسجد وكان أذان الفجر قد أوشك، دخلت المسجد وتوضأت وصليت ركعتين، ثم أذن الفجر صليت الفجر في جماعة، ثم مكثت في المسجد وأخذت استغفر الله عز وجل، استمر هذا الحال قرابة ساعة ثم قمت منصرفاً إلى بيتي، وفتحت الباب؛ وإذا بزوجتي تجلس تنتظرني وعلى وجهها ابتسامة عريضة ألقيت السلام، وقلت لها أما زلت مصممة على الذهاب؟ قالت: لا أنا آسفة على ما صدر مني.. قلت في نفسي الأمر غريب؟ ما الذي حدث؟ ثم سألتها عن سر هذا التحول قالت: والله لا أدري.. ولكني منذ ساعة هدأت نفسي وعرفت أني مخطأة وهداني الله، تذكرت أن ذلك الوقت هو نفسه الذي جلست استغفر الله فيه، وتذكرت قول النبي: " من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا،ً ورزقه من حيث لا يحتسب " صدق رسول الله " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " (سورة النجم، الآيتان: 4،3 ).

=======================.

ومن أصدق من الله قيلاً؟ "

في ليلة من ليالي التشريق أيام الحج وبالقرب من البيت العتيق ألقيت كلمة عن الاستغفار، ومعناه وفضله وأثره، وكان كلامي فيه الدليل والمنطق والعقل فلما انتهيت من كلمتي القصيرة " وهي عادتي " طلب أحد الحاضرين الحديث معي على انفراد فقبلت الحديث معه فبدأ بسرد قصته مع الاستغفار.

أبو يوسف: أنا تزوجت ولله الحمد ولكن زوجتي تأخرت بالإنجاب فقمت ببذل الأسباب، ما سمعت عن طبيب إلا زرته، ثم سافرت بعد ذلك للخارج ألتمس العلاج والكل يؤكد بقوله: " ما بك إلا العافية أنت وزوجتك " فرجعت الكويت وكلي رجاء بالله " وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".

قلت: أكمل يا أبا يوسف كلّي أذن صاغية.

أبو يوسف: في يوم من الأيام، وأنا أستمع لإذاعة القرآن الكريم سمعت من يقرأ الآية التي ذكرتها يا شيخ في كلمتك من سورة نوح.. " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " (سورة نوح، الآيات: 10-12 ).

فشرح الشيخ الآية وبين أن الاستغفار طريق لجلب الأطفال؛ فعلقت الكلمات في بالي فلما رجعت للمنزل قلت لزوجتي ما سمعت، وعزمنا أخذ العلاج " الاستغفار " ليلاً ونهاراً سرا وعلانية " أتدري يا شيخ ماذا حدث " ؟

زوجتي حملت بنفس الشهر الذي استغفرنا فيه، وجاء " يوسف " والحمد لله.

قلت: ما شاء الله، صدق الله وهو خير الصادقين " إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ " (سورة الرعد، الآية: 31 ) " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا " (سورة النساء، الآية: 122 )، " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " (سورة النساء، الآية: 87 ).

أبو يوسف: يا شيخ لم تنته قصتي بعد، قلت: ماذا بعد؟ أبو يوسف: لما انتهت زوجتي من النفاس قلت لها: استغفري يا أم يوسف للثاني؛ فاستغفرنا مثل الأول فحملت بنفس الشهر، وجاء الثاني بحمد الله ولما انتهت من نفاسها الثاني قلت استغفري يا أم يوسف نريد ثالثاً؛ فاستغفرت وجاء الثالث ولله الحمد فلما انتهت زوجتي من نفاسها قالت: يا أبا يوسف توقف عن الاستغفار " بنية الأولاد " حتى يكبر الأولاد وبعدها نرجع نستغفر للرابع بإذن الله.

قلت: الله يبارك لك بما رزقك ويجعل ذريتك قرة عين خاصة أنك رأيت آية من آيات الله فيك وفي زوجتك وفي ذريتك.

أبو يوسف: آمين؛ لكن يا شيخ ما انتهيت بعد من قصتي ! قلت: ما انتهت الأحداث بعد ! أكمل يا أبا يوسف ’ أبو يوسف: بعدما كبر الأولاد قليلاً قلت لأم يوسف عندنا ثلاثة أولاد نرجو من الله أن يرزقنا بنتاً جميلة، استغفري يا أم يوسف وأنت ترجين بنتاً.

قلت: الله يرزقك البنت كما رزقك الأولاد يا أخي الكريم.

أبو يوسف: أبشر يا شيخ أنا اليوم جئت الحج وزوجتي في النفاس مع بنتها الجديدة.

انتهت قصة أبو يوسف.

نستخلص من القصة السابقة:

1) الاستغفار وأثره.

2) الاستغفار يؤثر حسب نية المستغفر، تستغفر لطلب مال، لإنجاب ولد، نجاح، توبة، بنية المستغفر يكون الأثر بإذن الله.

3) يحتاج الاستغفار لنية صادقة ومخلصة لله وأن تدرك معناه وأن تفهم المراد فالنية لها أثرها في حياتك كلها.

4) الله لا يخلف الميعاد وإذا تخلف الأثر فاعلم أن هناك أمراً تسبب به.

5) الاستغفار كالدعاء إما يأتيك ما طلبت، وإما يأتيك غير طلبك، وإما يصرف عنك سوءاً بسبب استغفارك، أو أن يدخر الله لك ما استغفرت ليوم القيامة فيجازيك جزاء الضعف عنده جل في علاه(ذكر هذه القصة الشيخ/ خالد السلطان).

==========================.

الاستغفار والزلازل "

في زلزال باكستان المعروف والذي بلغ ضحاياه الألوف شاءت عناية الله - عز وجل - أن تنقذ هذا الرجل من موت محقق.

كان في بيته عندما وقع الزلزال تناول طعامه ثم ذهب إلى مكان نومه لينال قسطاً من الراحة، وبينما هو مستلقِِ على فراشه حدث الزلزال المدمر، أخذت الغرفة ترتج بقوة، بل البيت كله بدأ السقف يتشقق من فوقه وهو ينظر إليه من شدة هول المفاجأة، لم يستطع أن يتحرك من مكانه، بدأت أركان الحجرة تتساقط أمام عينيه فما كان منه إلا أن أخذ في الاستغفار يقول: استغفر الله.. استغفر الله.. بصورة مستمرة وبدأ السقف في السقوط كل هذه الأحداث مرت في وقت قصير جداً لا يتعدى بضع دقائق وأراد الله عز وجل لهذا الرجل النجاة يقول عن نفسه: " وبالفعل سقط السقف المتكون من طبقة خرسانية سميكة؛ لكن ولله الحمد تناثرت أجزاؤه في كل أنحاء الغرفة إلاّ الموضع الذي أنا فيه " فقمت وخرجت مسرعاً وحمدت الله عز وجل.

قلت: صدق رسول الله " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا،ً ورزقه من حيث لا يحتسب ". (حدثني بهذه القصة أ.د/ مبشر كرال الاستشاري بمستشفى الحرس الوطني).

================.

" الاستغفار في الاصطلاح الشرعي "

تنوعت عبارات العلماء في تعريف الاستغفار، وتعددت كلماتهم فيه، وكلها تهدف إلى الكشف عن حقيقة وبيان معناه الشرعي فالاستغفار من طلب الغفران، والغفران: تغطية الذنب بالعفو عنه، الغفر الستر، ومنها قال الطبري –رحمه الله- " الاستغفار معناه: طلب العبد من ربه غفران ذنوبه " (تفسير الطبري) لكن يرد على هذا التعريف أنه لم يبين الأدعية التي يطلب بها الغفران، فتعريفه هذا تعريف مطلق، فأي استغفار دعا به المستغفر سواءً كان مأثوراً عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو غير مأثور عنهما فإن هذا التعريف يشمله.

وقال أهل الكلام: " الاستغفار طلب المغفرة بعد رؤية قبح المعصية، والإعراض عنها ".

وعرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: " الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء، والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب، ومأمور به، لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب " (منهاج السنة النبوية لابن تيمية).

والاستغفار في القرآن الكريم على وجهين: أحدهما نفس الاستغفار، ومنه في سورة هو: " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ " (سورة هود: 90).

وفي سورة يوسف: " وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ " (سورة يوسف: 29).

وفي سورة نوح: " اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ " (سورة نوح: 10).

والثاني: الصلاة ومنه سورة آل عمران: " وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ " (سورة آل عمران: 17).

وفي سورة الأنفال: " وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " (سورة الأنفال: 33)، وفي سورة الذاريات: " وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " (سورة الداريات: 18)، وقد ذهب إلى أن الآية التي في سورة هود والتي في سورة نوح بمعنى التوحيد.

=================.

" تعبير الاستغفار في الرؤية "

استغفار الإنسان في المنام يدل على سعة الرزق، ومن استغفر من غير صلاة يدل ذلك على الزيادة في العمر، وربما دل الاستغفار على النصر ودفع البلايا، ومن رأى أنه يستغفر الله فإن الله يغفر له ويرزقه مالا وولدا وخادما وجنانا وأنهارا.

فإذا رأى أنه سكت عن الاستغفار فإنه منافق ومن رأى كأنه يستغفر الله تعالى رُزق مالا حلالا وولدا. فإن رأى كأنه فرغ من الصلاة ثم استغفر الله تعالى ووجهه إلى القبلة فإنه يستجاب وعاؤه، وإن كان إلى غير القبلة يذنب ذنبا ويتوب عنه.. والله أعلم. (تعطير الأنام في تعبير المنام، الشيخ عبد الغني النابلسي).

================.

" الاستغفار في البيان الإلهي "

أمر الله –عز وجل- عباده بالاستغفار وحثهم عليه ووعدهم على ذلك بالمغفرة والثواب العظيم، والعطاء الجزيل، ومن أصدق من الله قيلا نذكر منها ما يلي:

* قال تعالى: " غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ " (سورة غافر: 3).

الشـرح:

الله غافر ذنوب المستغفرين، وقابل توبة التائبين، الذي يرحم المنيبين، وهو شديد العقاب على من تجاوز حدوده واستهان بأمره وأصر على ذنبه، وهو صاحب التفضل على العباد وصاحب الإنعام على الخليقة، لا معبود بحق سواه ولا إله غيره، ولا شريك له، إليه يعود الخلق لإحقاق الحق ومجازاة كل بما يستحق.

*وقال تعالى: " فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ " (سورة غافر: 55).

الشـرح:

أيها الرسول أصبر على تكذيب الكفار وأذى الفجار، فإن الله وعدك بالنصر والتمكين والرفعة، وهو –سبحانه- لا يخلف ما وعد، بل يُنجزه لك وقد حصل هذا، وعليك بالاستغفار من الذنوب، فبالاستغفار تنال رضى الواحد القهار وتنجو من الأخطار، ونزِّه ربك ومجِّده بالتسبيح الذي تنفي فيه النقص عن الله المقرون بالحمد الذي هو إثبات الكمال له سبحانه في كل مساء وكل صباح.

* وقال تعالى: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ " (سورة محمد: 19) الشرح:

فاعلم – أيها الرسول - أنه لا يستحق العبادة إلا الله، وأنه لا شريك له، واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات، والله يعلم حركتكم بالنهار في الأعمال، واستقراركم بالليل للراحة من الأشغال، وفي الآية الجمع بين التوحيد والاستغفار والعلم والعمل.

* وقال تعالى: " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " (سورة آل عمران: 133) الشرح:

بادروا –أيها المؤمنون- وعجلوا- أيها المتقون- ما يوجب لكم مغفرة ربكم وما تستحقون به دخول جنة مولاكم إلى جنة عرضها عرض السموات والأرض، والفوز برضوانه ونيل النعيم الذي أعده لأوليائه، وذلك بفعل الطاعات وترك المحرمات، فإن من عمل صالحا وأكل حلالا وقال خيرا، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وسابق في الخيرات استحق أن يتجاوز الله –عز وجل- عن سيئاته، وأن يُعظم حسناته، ويرفع درجاته في جناته.

* وقال تعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (سورة آل عمران: 135).

الشرح:

ومن صفات هؤلاء المتقين أنهم إذا ارتكبوا كبيرة أو اقترفوا جريرة وظلموا أنفسهم باعتدائهم على غيرهم، عادوا إلى ربهم سبحانه فتذكروا عقابه وما أعد لمن عصاه فاستغفروا الله من الخطيئة، وسألوه المغفرة، وندموا على ما فعلوا، وتأسفوا عمَّا اقترفوا، وعلموا أنه لا يغفر الذنب، ولا يتجاوز عن الخطأ، ولا يعفو عن السيئة إلا الله الواحد الأحد، ولم يداوموا على هذه المعاصي، ولا يَلِجوا في الخطأ، ولا يستمروا على الذنب، ولا ينهمكوا في الإجرام، بل أصبح عندهم من القلق والاضطراب والأسف والندم على ما فعلوا ما يوجب معرفتهم بقبح الذنب، ويعلمهم أنه يجب عليهم التوبة، ويعلمهم أن الله يغفر الذنوب جميعا، فيحملهم ذلك على التوبة والاستغفار والمبادرة إلى طلب العفو من العزيز الغفار.

* وقال تعالى: " وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة النساء: 106).

الشرح:

وعليك أن تستغفر ربك إن كنت هممت أن تُدافع عن خائن أو تجادل عن منافق، فإن الله –سبحانه وتعالى- يتجاوز عن خطئك، ويغفر لك ويرحمك، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر، وفيه أن من وقع منه مثل هذه النية، فعليه أن يستغفر ربه ويتوب إليه جل في علاه.

*وقال تعالى: " وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة النساء: 110).

الشرح:

ولكن المسلم إذا وقع منه السوء وظلم نفسه بارتكاب معصية، ثم ندم واستغفر وأناب وتأسف على ما فعل وعاد إلى ربه بطلبه الغفران منه يجد ربه كريما، فإن الله أكرم من العبد، رحيم يتجاوز عنه ويقابل الإساءة بالإحسان، والمعصية بالغفران، ويتغمده بالرضوان، ويسكنه الجنان، فلا أحسن من التوبة إلى الله، ولا من استغفاره جل في علاه.

والآيات في الاستغفار كثيرة ومعروفة فقط أوردنا بعض الآيات مع الشرح.

(الشروح مقتبسة من كتاب التفسير الميسر للشيخ عائض القرني).

 

<-السـابق :: " تعبير الاستغفار في الرؤية "

" الاستغفار في البيان النبوي " :: التـــالى->


مختارات

" المهيمن "

فقه عظمة الرب - الجزء الثالث

أسامة بن زيد بن حارثة (رضي الله عنه)

الشفاعة أو الوساطة بين الناس بالخير

الغيبة (1)

المأزق الدنيوي

فما ظنك برب العالمين؟؟

الحكيم عز وجل

قصة إسماعيل عليه السلام

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ

================.

" الاستغفار في البيان النبوي "

ومن الأحاديث الواردة في الاستغفار حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفر ربه ويتوب إليه ويتضرع بين يديه امتثالا لأمر الغفار –عز وجل- في قوله: " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " (سورة النصر: 3) فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (رواه البخاري).

* وروي في سنن أبي داود والترمذي عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غُفرت ذنوبه وإن كان قد فرَّ من الزحف» (قال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم).

* وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم، ولجاء بقوم يُذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم» (رواه مسلم).

* وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة –رضي الله عنها-: «إن كنت أَلممت فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب، تاب الله عليه» (رواه البخاري).

* وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خيار أمتي الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وإني رسول الله، الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا وشرار أمتي الذي ولدوا في النعيم فلُذُّوا به، إنما همتهم ألوان الطعام والثياب ويتشدَّقون في الكلام» (رواه أبو نعيم في الحلية).

* وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد حتى يعلو قلبه ذاك الران الذي ذكره الله عز وجل في القرآن: " بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " (سورة المطففين: 14) (رواه الإمام أحمد في مسنده واللفظ له، وابن ماجه في السنن).

* وفي حديث عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- أن أبا بكر –رضي الله عنه- قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» (رواه مسلم).

* بالاستغفار يُودع الميت: لذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت. وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل» (رواه أبو داود).

* وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله –عز وجل- ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أن لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك» (رواه الإمام أحمد).

=============================.

تعزَّ بأهل البلاء "

تَلفَّتْ يُمنة ويُسرى، فهل ترى إلا مُبتلى؟ وهل تشاهد إلا منكوبا في كل دار نائحة، وعلى كل خدٍّ دمعٌ وفي كل واد بنو سعد.

كم من المصائب، وكم من الصابرين، فلست أنت وحدك المصاب، بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل، كم من مريض على سريره من أعوام، يتقلب ذات اليمين وذات الشمال، يئن من الألم، ويصيح من السقم.

كم من محبوس مرَّت به سنوات ما رأى الشمس بعينه، وما عرف غير زنزانته؟ كم من رجل وامرأة فقدا فَلَذَات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمر؟ وكم من مكروب ومدين ومصاب ومنكوب.

آن لك أن تتعظ بهؤلاء، وأن تعلم علم اليقين أن هذه الحياة سجن للمؤمن ودار للأحزان والنكبات، تُصبح القصور حافلة بأهلها وتمسي خاوية على عروشها، يبنيها الشمل مجتمع والأبدان في عافية، والأموال وافرة، والأولاد كثر، ثم ما هي إلا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض. قال تعالى: " وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ " (سورة إبراهيم: 45).

فعليك أن توطِّن مصابك بمن حولك، وبمن سبقك في مسيرة الدهر، ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء، وأنه لم يأتك إلا وخزاتٌ سهلة، فاحمد الله على لطفه، واشكره على ما أبقى، واحتسب ما أخذ واتعظ بمن حولك ولك في الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وقد وُضع السَّلى على رأسه، وأُدميت قدماه وشُجَّ وجهه، وحُوصر في الشِّعْب حتى أكل ورق الشجر، وطرد من مكة، وكسرت ثنيته، ورُمي عرض زوجته الشريفة، وقُتل سبعون من أصحابه، وفقد ابنه، توفي أكثر بناته في حياته، وربط الحجر على بطنه من الجوع واتُّهم بأنه شاعر ساحر كاهن مجنون كاذب، صانه الله من ذلك، وهذا بلاء لابد منه وتمحيص لا أعظم منه، وقد قُتل زكريا، وذُبح يحيى، وهُجر موسى ووضع الخليل في النار، وسار الأئمة على هذا الطريق فضُرِّج عمر بدمه واغتيل عثمان، وطُعن عليٌّ وجُلدت ظهور الأئمة وسُجن الأخيار ونُكِّل الأبرار قال تعالى: " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا " (سورة البقرة: 214) (هكذا هزموا اليأس، سلوى العضيدان).

============================.

واجب المؤمن نحو الشدائد الخمس "

إذا كان هذا حال هذه الشدائد الخمس في حياة المسلم، فإنه يجب عليه أمور تجاه هذه الشدائد، وذلك حتى يسلم منها، وينجو من أذاها، أو تفادى أذاها ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وعند النظر والتأمل، فإن المؤمن لابد من أمور تُحصِّنه من هذه الشدائد الخمس، ليسلم منها، وهذه الأمور المطلوبة منه، نذكره بها هنا كما يلي:

أولا: اللجوء إلى الله تعالى:

ذلك أن من لجأ إلى الله تعالى واستجار بحماه أجاره وحماه، وأبعد عنه كل ما يخيفه، ذلك لأن هذه الشدائد المذكورة لا يسلم منها إلا الله ولا يُنجي منها سواه، أليس هو الذي يندب عباده إلى الفرار إليه " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ " (سورة الذاريات: 50) أليس هو الذي تعهد بكشف الضُّرِّ والسوء " وَيَكْشِفُ السُّوءَ " (سورة المائدة: 62).

أليس هو الذي يصرف عن عباده كل ما يخيفهم في الدنيا والآخرة؟ إن واجبهم أن يلجأوا إليه سبحانه في كل لحظة وحين، لأن المدافع عن الدين والحافظ له، والذي خلَّص الدعاة إلى الله تعالى من الفتن هو الله، ومن يستجير بحماه يُجار، ومن يرفع ظلامته إليه يُنصف، ومن يوكل أمره إليه يَسلم، ومن أولى باللجوء إليه من الله؟ ومن أعرف بطريق الله من المؤمن؟ ومن أحرى منه باللجوء إلى ربه سبحانه وتعالى؟ ليخلصه من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ويؤمن روعته في يوم يراع فيه الناس إلى من رحم الله.

ثانيا: الصبر:

لابد لمن بلي بهذه الشدائد الخمس من صبر يتزود به، ويعينه على لأواء الطريق – وخاصة لأن بعض هذه الشدائد قد تأتيه ممن لا يحل له قتله كالمؤمن الذي يحسده، والمنافق الذي يبغضه، وهذا يحوجه إلى مزيد صبر حتى يضيع على هؤلاء فرصتهم في أذاه، ويعمل على الخلاص من الأذى الذي مظنة له، وهذا يشمل كل مسلم بشكل عام، والدعاة بشكل خاص؛ لأن هؤلاء أولى الناس بالصبر والتحلي بالأخلاق الفاضلة، وذلك حتى تتم دعوتهم لله.

وتخلص أعمالهم له، وفي نصيحة هؤلاء الدعاة يقول الأستاذ فتحي يكن- حفظه الله: " أما دعاة الإسلام فإن عليهم إن ابتلوا بمن يحسدهم أن يتذرَّعوا بالصبر والصلاة، ويعوذوا بالله من شرور نفوس الناس، وشرور ظلمهم وحسدهم، ولا يخرجنهم الغضب إلى الرد والكيد وإلى اتباع غير سبيل المؤمنين؛ لأنهم بذلك يصبحون مثلهم، ويخسرون تميزهم وخُلقهم ودينهم، والأولى أن ينفقوا مما عندهم من خير ويحتسبوا ما يصيبهم عند الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ".

ثالثا: الحذر:

لابد لمن أحاطت به تلك الشدائد الخمس والتي هي ملمات تكسر الظهر وتؤذي النفس، وتعطل العمل من أن يكون حذرا، فيحذر من المؤمن الحاسد أن يؤذيه بحسده، ومن المنافق المبغض أن يؤدي به بغضبه إلى آذه بالكيد والمؤامرات التي يحكيها له في الليل والنهار، ومن الكافر الذي يقاتله بكل وسيلة وفي كل زمان ومكان، ومن الشيطان الذي أخذ عهدا على نفسه أن يعمل على إضلاله ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ومن النفس، تلميذة الشيطان الذي لا تكاد تترك التفلُّت والمنازعة لإطاعة أوامر الشيطان وعصيان أوامر الرحمن.

إن من يحيط به هؤلاء الخمسة لهو أحوج الناس إلى الحذر والحيطة، ليسلم من سهام هؤلاء التي لا تكاد تخطؤه، ولئن كان المسلم الملتزم بحاجة إلى الحذر، فإن أولئك الدعاة أشد الناس حاجة إلى الحذر.

رابعا: العفو:

لابد للمؤمن المبتلى من العفو عمن ظلمه، وخاصة في مواجهة المؤمن الحاسد له، والذي هو أحد الشدائد الخمس المسلطة عليه، والعفو خصلة من كرام خصال المؤمنين، وقد وصف الله تعالى المؤمنين فقال: " وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (سورة آل عمران: 142).

وندبنا إليه فقال: " وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (سورة التغابن: 14) والعفو أداة مهمة في يد الداعية إلى الله تعالى يستجلب بها القلوب، ويدخل بها إلى النفوس، ويرد بها سهام الحاسدين عن نفسه، وهو أحرى الناس بالعفو عن غيره؛ لأن الناس يأملون منه أكثر مما يؤملون من غيره، ويتوسمون فيه الخير، وإن من الأمور الخيِّرة التي تتوسم فيه عفوه عمن ظلمه وصفحه عنه، وما أحوج الدعاة إلى الله تعالى في هذه الأيام إلى مثل هذه المسألة وتطبيقها عمليا ليسلم لهم قيادة أنفسهم، وبالتالي يسلم الناس إليهم قيادة أمورهم، بما يروا في حياتهم من جوانب القدوة المشرقة التي تجلب الاتباع وتسر المؤمنين، وترد كيد الكافرين، فهذا أمر واجب ينبغي لمن تصدر لدلالة الناس على الله تعالى أن يتمثل بهذا ويعمل به لتُثمر دعوته وتؤتي أكلها في حياة الناس والله المستعان.

خامسا: تربية النفس:

لابد للمؤمن الذي تحيط به هذه الشدائد الخمس من تربية نفسه تربية صحيحة، وذلك حتى يفوت على هؤلاء الأعداء الخمسة أي فرصة لإيقاع الأذى به، وعند النظر في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نجد أن التربية الصحيحة للنفس لابد أن تسير وفق مسائل ثلاثة، وهذه الأمور هي:

- المحاسبة: حيث يعمل المرء على محاسبة نفسه على كل صغير وكبير.

- المراقبة: وهي أن يراقب المرء نفسه ليمنعها من شهواتها، ومن معصية الله سبحانه وتعالى.

- والمجاهدة: وهي أن يحمل المرء نفسه على الطاعة حملا، ولا يترك لها مجالا لمنازعته نحو المعصية، فإذا تمت له هذه الأمور الثلاثة تسلم نفسه له قيادتها، ويعينه الله عز وجل عليها فإذا استقام حاله، واستوت نفسه، وقل فيه حظ الشيطان فإنه عندئذ يسلم من تلك الشدائد الخمس.

وينجو من تلك الآفات، وذلك بسبب قربه من ربه سبحانه وتعالى، الذي يمنع عنه كل أذى، ويُبعد عنه كل سوء، ويُسلمه من كل شر، فإذا كان حاله كذلك سلمه الله تعالى من شر المؤمن الحاسد، فأخفاه، ومن شر المنافق الذي يبغضه ويكيد له المكائد، ويخلصه من أذاها له والذي يعينه على شر نفسه ومنازعتها له إلى المعصية، كما يعينه على الخلاص من إضلال الشيطان له. وإبعاده عن طريق الله تعالى، فإذا تربَّت النفس تَحقَّق لها الحماية من كل هذه الشرور والشدائد الخمسة، التي أعجزت بني آدم ولا سلامة منها إلا بالاستعانة بالله تعالى، والله المستعان.

فوائد الشدائد:

الشدائد التي تصيب المسلم في حياته بشتى الصور، لابد لها من فوائد فبالرغم من أنها مكروهة للنفس، إلا أن الله يكفر بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، كما أن الكرب يدفع بالمكروب إلى التوبة، فيلجأ إلى الله وينكسر بين يديه، وهذا الانكسار أحب إلى الله من كثير من العبادات، فما أجمل أن ينكسر المخلوق لله، ويشعر بذلة أمامه، ويشعر بحاجته إليه وافتقاره إلى خالقه، فينقطع إلى الخالق ويترك المخلوق، وهنا يتحقق التوحيد وينتفي من أدران الشرك بأنواعها، ويخلص الإنسان لربه، وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعية إذا نزل بنا الكرب، واشتدت الأمور، وضاقت علينا الأرض بما رحبت فقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم» وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» وقال عليه الصلاة والسلام لأسماء بنت عُميس: «ألا أعلمك كلمات تقولهن عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئا». وقال عليه الصلاة والسلام: «من أصابه همٌّ أو غمٌّ أو سَقمٌ أو شدةٌ فقال: الله ربي لا شريك له، كشف ذلك عنه» وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دعوة المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت» وقال صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لا يدعو بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له».

=================================.

" مظاهر الابتلاء "

أولا: الابتلاء بالشر: وله عدة صور منها ما يلي:

1- أن يبتلي الله المؤمن بفقد عزيز عليه كأبيه أو أمه أو ولده.

2- أن يبتلى المؤمن بفقد جزء من جسمه كذهاب بصره، أو سمعه، أو رجله، أو يده.

3- ابتلاء المؤمن بمرض عُضال أو فتاك، أو يُبتلى بالخوف والجوع وضيق الرزق. قال تعالى: إشارة إلى تعدد مظاهر الابتلاء: " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ " (سورة البقرة: 155).

4- ومن أعظم ما يبتلى به المؤمن من صور الابتلاء بالشر هي المصيبة في الدين، فهي القاصمة والمهلكة والنهاية التي لا ربح معها، وعموما فإن مصاب الدين لا فداء له، فهو أعظم من مصيبة النفس والمال؛ لأن المال يخلفه الله تعالى، وهو فداء الأنفس، والنفس فداء الدين، والدين لا فداء له (انظر تسلية أهل المصائب لأبي عبد الله المنجي) ذلك أن كل مصيبة في دنيا الإنسان قد تعوض بخير منها أو مثلها، أما مصيبة الدين فحسرة لا تُعوَّض (الإيمان والحياة للدكتور الشيخ يوسف القرضاوي).

5- الابتلاء بالسيئات أو المعاصي، وهذه قد تَخفى حكمته على الكثيرين إذ قد يراد به " اختبار الصدق في الإيمان " (موسوعة نضرة النعيم).

ويشير ابن القيم –رحمه الله- إلى ثمرة هذا الابتلاء بقوله: " لو لم تكن التوبة أحب إلى الله لما ابتلى بالذنب أكرم المخلوقات عليه –آدم عليه السلام- فالتوبة هي غاية كل كمال آدمي وقد كان كمال أبينا آدم –عليه السلام- بها " (مفتاح دار السعادة لابن قيم).

ثانيا: الابتلاء بالخير: ويقصد به اختبار الله تعالى عبده المسار ليشكره وله صور شتى منها:

1- أن يبتلى العبد بالغنى وكثرة العرض: قال صلى الله عليه وسلم: «فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم فتَنافِسوها كما تنافسوها وتُلهيكم كما ألهتهم» (صحيح البخاري).

2- ابتلاؤه بزينة الدنيا وزهرتها. قال صلى الله عليه وسلم: « إني مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها» (صحيح البخاري).

3- الابتلاء بحب الرياسة والجاه، فيطلبها ويحرص عليها فيكون فيها هلاكه. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة» (صحيح البخاري).

4- ويدخل في هذا المظهر ابتلاء العبد بالطاعات ليشكر ربه على ما هداه إليه، فضرب الله لنا أروع الأمثلة: بإبراهيم –عليه السلام- لما ابتلاه الله بذبح ولده وفلذة كبده فأراد أن يمضي تلك الطاعة لربه فناداه الله تعالى بقوله: " وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ " (سورة الصافات: 104-106).

والابتلاء بالخير هو أشد البلاء؛ لأن القيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر. فصارت المنحة أعظم البلاءين لهذا قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: " بلينا بالضراء فصبرنا، وبلينا بالسراء فلم نصبر " وقال علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-: " من وُسِّع عليه في دنياه فلم يعلم أنه قد مُكر به فهو مخدوع في عقله " (بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي).

أخي القارئ: فالبلاء يكون حسنا ويكون سيئا كما أسلفنا وأصله المحنة، والله عز وجل يبلو عبده بالصنيع الجميل ليمتحن شكره، ويبلو بالبلوى التي يكرهها ليمتحن صبره، عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن، أعوذ بالله أن تدركوهن»

1-لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها إلا فشي بهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا.

2- ولم يقتصوا المكيال والميزان، إلا ابتلوا بالسنين، وشدة المؤنة، وجور السلطان عليهم.

3- ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا.

4- ولم ينقضوا عهد الله ورسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيدهم.

5- وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا فيما أنزل الله عز و جل إلا جعل الله بأسهم بينهم »(سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب العقوبات).

وبين الله –عز وجل- سبب الابتلاءات، كرغد العيش، أو ضيقه، واعتدال المناخ أو قسوته، كالزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير والقحط، وما أشبه ذلك في قوله تعالى: " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " (سورة الروم: 41).

أي ظهرت المعاصي في البر والبحر فحبس الله عن الناس الغيث وأغلى سعرهم ليذيقهم عقاب بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي،).

قيل: " إن الله يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختبارا لهم ومجازاة على صنيعهم، لعلهم يرجعون عن المعاصي ".

سؤال (كشف الأسرار عما خفي عن الأفكار، شهاب الدين الأقفهسي)، لم شدد البلاء على الأفاضل؟

الجواب: قيل لأن الله تعالى يبغض الدنيا، وامتحن الأولياء فيها كي لا يميلوا إليها وهي مبغوضة وأيضا ليكثر الأجر لهم.

فإن قيل: لم حجب عنهم الدنيا؟ قيل: ليتفرغوا لطاعته ولا يشتغلوا بها عنه فتحملهم على المعصية، فربما تكون النعمة سببا للمعصية، لقوله تعالى: " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ " (سورة الأنعام: 44).

================================.

الابتلاء سنة من سنن الله في حياة الناس "

رغم أن البلاء والابتلاء سنة ربانية في حياة البشر قال تعالى: " لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا " (سورة الملك: 2)، إلا أنه ليس للمسلم أن يسأل الله الابتلاء أو يتمناه فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نفعل ذلك فقال: «لا تتمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون به، ولكن قولوا اللهم أكفناهم، وأكفف بأسهم» (رواه البخاري ومسلم).

لذا جعل الله عز وجل الابتلاء والمحن سنة في حياة الناس، قال تعالى: " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " (سورة العنكبوت: 2-3) وفي التعقيب على هذه الآية يقول الأستاذ سيد قطب –رحمه الله تعالى- " هذه الفتنة على الإيمان أصل ثابت، وسنة جارية في ميزان الله سبحانه " ويقول أيضا: " أنها سنة العقائد والدعوات، لابد من بلاء ولابد من أذى في الأموال والأنفس، ولابد من صبر ومقاومة واعتزام، إنه الطريق إلى الجنة، وقد حُفت الجنة بالمكاره، بينما حُفت النار بالشهوات " (في ظلال القرآن).

وفي تفسير هذه الآية: أظن العباد أنهم إذا قالوا: آمنا تركوا على هذه الدعوة لم يختبروا ويبتلوا؟ بلى سوف يختبرون بالبلاء ليظهر الصادق من الكاذب، ولقد امتحن الله الأقوام السابقين بإرسال الرسل إليهم، فظهر علم الله في صدق الصادق في إيمانه، وكذب الكاذب في دعواه (التفسير الميسر، الشيخ عائض القرني).

 

 

========================================.

 

 

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بوابة الاعاصير

من اعصار كاندرينا    ------------------------------------ أعاصير استوائية (14 ت، 9 ص) أرصاد جوية للأعاصير الاستوائية (3 ت، 19 ص) أعاصي...